شهر رمضان الكريم هو شهر الرحمة وفرصة لا تعوض للتوبة والرجوع إلى الله بالصوم والدعاء والابتعاد عن المعاصي وللتغير نحو الأفضل، وبالرغم من ذلك يعجز الكثيرون في التخلي عن سلوكياتهم المتنافية مع آداب الصيام، خاصة إذا تعلق الأمر بعادة متأصلة في نفسيات البعض كالزينة والتبرج.
فيكفي أن تقوم بجولة صباحية في العاصمة بيروت حتى تلاحظ بأن رمضان لم يغير الشيء لا في الشكل ولا في النفوس، فترى مظاهر التبرج والموضة وارتداء الأزياء الفاضحة ، وفتيات يتجولن في نهار رمضان بملابس ملفتة، ضيقة وتظهر تفاصيل أجسادهن، غير آبهات بنظرات الاخرين، فتيات لم يعد يزعجهن تأفف الصائمين ولا سماع عبارات “اللهم إني صائم” أو أستغفر الله”، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالعادة غلبت العبادة كما يقال.
يبدو أن تعوّد الفتيات على الخروج بمظهر معين، وهن في قمة الزينة والتبرج خلال أشهر السنة شكّل لديهن حاجزا نفسيا أمام الالتزام بضوابط الصيام وتجنب المنهي عنه على الأقل خلال النهار، لأن كل ذلك لم يمنعهن من التخلي على مساحيق وأدوات التجميل أو حتى من التخلص من السراويل الضيقة والملابس الملفتة.
والرّجال أيضا يتبرّجون!
والملفت الاكثر للنظر ان التبرّج في زماننا هذا لم يعد وصفا خاصا ببعض النّساء المستهترات المتعلّقات بالمظاهر الفانية، بل قد أصبح وصفا لبعض الرّجال الذين ذهب ماء الحياء من وجوههم، وأصبح الواحد منهم لا يبالي ولا يجد أيّ حرج في إبداء فخذيه أمام النّاس؛ يلبس سروالا قصيرا ينحسر إلى وسط فخذيه كلّما جلس أو انحنى، وربّما تجده يلبس قميصا شفافا فوق السروال القصير، لكنّه لا يتورّع عن حسر القميص وتشميره كلّما أراد أن يجلس، فتظهر فخذاه في المجلس، ولا يجد من ينكر عليه أو يزجره، وربّما تجده يدخل المسجد وهو يرتدي قميصا شفافا فوق سروال قصير، ولا يراعي حرمة لبيت الله، بل إنّ من عباد الله من يدخلون المساجد بهذه السراويل القصيرة التي سرعان ما تنحسر أكثر أثناء الرّكوع والسّجود، في مشاهد ومظاهر لا يكاد يخلو منها مسجد في شهر رمضان دون حياء والله المستعان.
وفي اتصال من موقعنا مع الفنانة برناديت حديب للحديث عن رأيها حول ظاهرة السفور والتبرج في رمضان؟ وان كانت مع ظهور السيدة خلال الشهر الفضيل بدون مكياج وعلى طبيعتها؟
أجابت:” انا لست مع ولا ضد تبرج المرأة.. بل أنا مع ترتيب المرأة وان تبدو على طبيعتها وبما يليق بها كافة أيام السنة سواء بشهر الصوم عند الاخوان المسيحيين او المسلمين، فكل سيدة تعلم ضمناً كيف يجب أن تظهر نفسها ولكن الاساس بالنسبة لي ” النظافة والترتيب” لان الدين اساسه النظافة … فالمكياج ليس اساس ولا يزيدنا قيمة وجمال ولا يقلل من قيمة السيدة.
وماذا عن رايك بظاهرة تبرج الرجال وتقليدهم للنساء؟
منذ العصور الوسطى كانت الملوك والاباطرة والقياصرة كانوا يتبرجوا ولكن كانوا محافظين على صورتهم الرجوليه القوية الشرسة الحقيقة….ولكن في زمننا هذا انقلبت المقاييس ومع تفشي ظاهرة تقليد الذكور للنساء .. الامر الذي لم نعتد عليه بعد، فالرجل الراغب الزينة وبالملابس الشفافة والضقية هو اخذ قرار ضمني وهو يجد نفسه كأنثى من خلال جيناته وعن نفسي اراه قرار شخصي للفرد وانا احترمة وافضل ان يحافظ الرجل على عنفوانه وكرامته وصورته.
هل تعتبري تبرج المرأه وسفورها ( عدم تحجبها ) دليل على عدم التزامها الديني؟
الايمان لا علاقة له بالشكل، فهناك الكثير من النساء الغير محجبات هن اكثر التزام وايمان من المحجبات انفسهن … فالبعض اصبح يمتهن غطاء الرأس لغايات محددة …فأنا ضد الربط بين الحجاب وغطاء الراس والايمان ضمناً.
وفي ختام الحيث تمنت حديب ان يعم السلام بلادنا العربية ويخف الجهل عن عقول روؤسائنا العرب .. وتمنت الصحة الدائمة والمحبة الداخلية للسيدات العربيات …كما أوصت بالتواضع والمشارك والتعاون ومد يد المساعدة للآخرين وليس حصراً في شهر رمضان الكريم، فالعطاء يمكن ان يكون على مدار السنة.
وختمت كل رمضان وانتم بألف خير … وكل عيد فطر وانتم بأوج عطائكم.
كما التقى موقعنا عددا من عامة الشعب، وسألهم عن امكانية الاستغناء عن التبرج والزينة في رمضان؟ فجاءت الاجابات كالتالي:
تؤكد نور، وهي شابة عاملة في مركز صحي ، أنها لا تقوى على الاستغناء عن أدوات التجميل حتى خلال شهر رمضان، ولو أنها تخفف من ماكياجها وتقاطع أحمر الشفاه، وذلك لأنها تعودت منذ سنوات طويلة الاعتماد على هذه المساحيق، وبالرغم من شعورها بالذنب لذلك خلال شهر رمضان الفضيل، إلا أنها لا تستغني عنها وتشعر أن شكلها غير لائق بدونها.
أما مينا، وهي سيدة في مقتبل العمر، فقد أبدت استياءها من مظهر بعض الفتيات الذي يبدو غير مناسب سواء في شهر رمضان أو باقي شهور السنة، مؤكدة أنه من المستفز أن تخرج المرأة من بيتها في نهار رمضان مرتدية ملابس ضيقة وشفافة ومظهرة مفاتنها، فهي بذلك ترتكب معصية كبيرة وتعكر صفو الصائمين.
أما رأي الرجال حول تبرج النساء في رمضان فحدث ولا حرج، لأن لا أحد يرضى بما تحاول الفتيات جعله أمرا واقعا، وأغلبهم لا يتفهمون إدمان النساء على مواد التجميل ولا على الأزياء الفاضحة حتى خلال شهر الصيام، ومن بينهم محمد الذي قال كلمة واحدة “لماذا لا يتقين الله في الصائمين؟”، أما زياد فقال ” لابد أن نتجاهل الأمر، لأن سلوكيات بعض الفتيات لن تتغير حتى في شهر الصيام، إنه إدمان بأتم معنى الكلمة، والحل الوحيد يكمن في التجاهل وغض البصر”. وكلن عليه بنفسه.
وفي الختام لا يسعنا سوى القول إنّه وكما تلام المرأة وتأثم حسب رأي الدين على تبرّجها، فإنّ الرّجل أيضا يُلام ويعاب ويأثم على تبرّجه وتساهله في إبداء ما لا يحلّ له إبداؤه ممّا بين سرّته وركبتيه.
بقلم: سهى م ديماسي