لا يختلف إثنان على أنّ السمنة لم تعد حالة عادية في يومياتنا، بل نتيجة انتشارها المهول ونتائجها المرضية المخيفة صنّفتها “الأمم المتحدة” ثاني أخطر مرض بعد السرطان، حتى سُمّيت بـ”السرطان الاصفر”، نظرا لتسببها بالعديد من الامراض الخطيرة والمميتة، إضافة أثرها النفسي السلبي على الشخص، ناهيك عن تعرّضه لمشاكل اجتماعية ونفسية.
وعشيّة انطلاق مسابقة Queen of Fitness 2018-2019 بموسمها الرابع، موقعنا التقى الرائد في محاربة مرض العصر، والأوّل بين المتميزين في دنيا جراحة السمنة، الدكتور محمد هيثم الفوال، الطاقة الإبداعية الذي ساهم في رفع إسم لبنان عاليا في المحافل الدولية.
*ما الجديد في عالم محاربة البدانة؟
الجديد أنّ الناس أصبحوا أكثر وعياً لخطورة السمنة على حياتهم، لذلك جرى إطلاق إسم “السرطان الأصفر” على أمراض البدانة، لأنّها تقريبا السبب الثاني للوفيات في العالم بعد السرطان، نتيجة لانتشارها السريع بين كل الناس وفي معظم الدول.
من هنا بدأ التفكير بالسمنة كأزمة صحية أكثر من موضوع جمالي يتعلق بالشكل الخارجي، رغم أنّ الشكل مهم بالنسبة للناس، لكن إذا نظرنا إلى كمية الأمراض المتعلقة بالسمنة، من الضغط، إلى القلب، إلى السكري، فأمراض المفاصل، وتشمّع الكبد، كلّها أمراض ناجمة عن السمنة، التي إذا عُولجت بشكل صحيح ساهمت في تراجع هذه الأمراضي أو حتى القضاء عليها.
ناهيك عن المشاكل النفسية التي يتعرّض لها المُصاب بداء السُمنة، إذ هناك الكثير من الشباب والصبايا وصلوا حدود الانتحار، بعدما تحطمت حياتهم بسبب هذا المرض، وسمعنا مؤخرا عن انتحار طفل بسبب تنمّر أصدقاؤه عليه.
*ما هي أهم علاجات السمنة؟
العلاجات منها الطبي كالدواء، وهناك أدوية معروفة ومرخّصة من منظّمات أميركية، يمكن أنْيتم اللجوء إليها لمستويات السمنة التي تتراوح سمنتها بين 5 و10 كلغ، أما الأوزان المتوسطة، التي يتراوح معدل سمنتها بين 10 و15 كلغ، فبالإمكان اللجوء إلى العلاجات التنظيرية مثل “تصغير المعدة”، وهي تقنية جديدة بدأناها في لبنان منذ 6 أشهر تقريبا في مستشفى خوري وبخعازي، بالتعاون مع البروفسور السعودي عائض القحطاني، بحيث نقوم بعملية تصغير المعدة عن طريق الفم دون جراحة، وإنما عبر المنظار نتمكن من اقتطاع 50 % من حجم المعدة، وبنتيجتها ينخفض الوزن بين 15 إلى 20 كلغ.
*ما هي حسنات هذه العمليات؟
حسنتها الأساسية أنّها بعيدة عن الجراحة، إضافة إلى أنّ عوارضها الجانبية أقل، والمريض يغادر المستشفى في نفس اليوم، وكما سبق وقلنا بأنّ من يخضع لها هم أصحاب الأوزان المتوسطة، أما مرضى الأوزان الضخمة أي من يتخطى معدل سمنتهم ال 35، فلا بد من العمليات الجراحية، كقص المعدة أو تحويل المسار.
*ماذا عن هذه العمليات؟–
قص المعدة هي أكثر عملية تُتّبع في العالم، لكن أكثر عملية تنتشر حاليا هي تحويل المسار، كونها تساعد المريض في الوصول إلى الوزن المناسب، خصوصا أنّها عملية مثالية لمرضى السكري، الذي يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية لدى من يعانون منه، وينعكس سلبا على النظر، وقد يصل بنا الأمر إلى بتر أعضاء أو قصور في الكلى، إلا أنّه بعد العملية هناك تراجع لمرض السكري بنسبة تتخطى 80%.
*كيف تصف وضع المريض بعد العملية، قلباً وقالباً؟
–
معظم الذين خضعوا للعملية اعتبروا أنّهم وُلدوا من جديد، لأن حياتهم تتغير بشكل كامل، فيتحوّل المريض من شخص يعاني مشاكل صحية ونفسية، إلى شخص منطلق ومحب للحياة من جديد. شاهدت الكثير من حالات السمنة عند الأطفال، ووضعهم النفسي والصحي كيف يتطوّر مع الوقت، كما عايشت التحوّلات التي حصلت مع شباب وصبايا، ولاحظت سعادتهم حينما يشاهدون “الكيلوغرامات”، التي يفقدونها وصحتهم تتحسّن وشكلهم يصبح أجمل وحياتهم الاجتماعية تتغيّر.
*ما أهمية المتابعة مع المريض بعد انتهاء العملية؟–
أهمية المتابعة للمرضى لأخذ أفضل النتائج لذلك في مركز “ال بي س سي” الذي تأسّس قبل 4 سنوات، هدفنا من خلاله مساعدة المريض كي يصل للحل المثالي، فالأساس هو متابعة المريض بعد العملية كي يغيّر نمط حياته، وكي يتحاشى المشاكل الناتجة عن العمليات، مثل “ترهّلات الجسم”، ونقص الفيتامينات والتغذية لأنّنا نسمع كثيرا مقولة “عمل العملية بس صار متل المريض”، وهذا يعني أنّ هناك خطأً ما، فالجراحة أُجريت كي يعيش المريض حياة طبيعية ومقبولة وصحية، ونحن في المركز نقدّم الخدمات التي لها علاقة بالتغذية الصحية ونظام رياضة يُتّبع بعد العمليات كي يصل المريض إلى وزنه الطبيعي وجسمه المشدود وشد الجلد، وصولاً إلى الجراحات التجميلية إذا كانت هناك حاجة لها.
*كي تصفون مسابقة “Queen Of Fitness”، وما هي أهميتها؟، والذي دفعكم للمشاركة فيها؟
بالنسبة إلى Queen of Fitness، تشهد تطوّرات كبيرة في الفترة المقبلة، الهدف بشكل أساسي هو التوعية، فالفتاة الجالسة في منزلها وتعاني، أو الناس الخائفون من الكلام عن التحوّل، الذي حصل بعد إجراء العملية، بسبب بعض العُقد الاجتماعية والخجل من الحديث عن الوضع السابق الذي عاشوه، نحاول أنْ نبرز لهم أشخاصا تخلصوا من أوزان الموت، وعاشوا هذه التجربة، وانتقلوا إلى مرحلة الصحة، لنمد اليد إلى من يتقوقع ونخلصهم من المرض، ويبدؤون حياة جديدة.
*ما أهمية المؤتمرات التي تشاركون بها؟–
المؤتمرات التي تُعنى بالسُمنة مع انتشار هذا المرض، واهتمام الناس به، أصبحت عديدة ومعظمها هام وأساسي، وتُعقد شهرياً أو فصلياً، كما هناك تميز بين الاطباء اللبنانيين، حيث نلقي محاضرات، ونعقد جلسات نقاش. ونحن في المركز جرى اختيارنا من بين أهم 7 مراكز في العالم للمشاركة في تدريب اطباء السمنة ونقدم لهم مشاهدات عن كيفية الاهتمام بالمريض، خصوصا أن الحضور اللبناني العلمي مميز على كل الصعد.
سالي سعيدون
سالي سعيدون